في زمننا الحاضر أصبحت الحملات الترويجية تمثل ركيزة أساسية في عالم ألعاب الفيديو إذ يُولي المطورون والجهات الممولة اهتمامًا بالغًا للإعلانات بهدف خلق ضجة إعلامية كافية لضمان انطلاقة قوية للعبة منذ لحظة الإصدار بل وتحقيق مبيعات ضخمة فور طرحها في الأسواق
باتت ألعاب الفيديو اليوم جزءًا لا يتجزأ من مشهد الإعلام الحديث والترقب الجماهيري فبعض الاستوديوهات تتبنى استراتيجية بناء جمهور مخلص قبل سنوات طويلة من إصدار اللعبة كما تفعل Rockstar في حين يعتمد آخرون على عامل المفاجأة لتقديم تجربة غير متوقعة تخطف الأنظار دون سابق إنذار
لكن مجرد الوعي بأهمية الانطباع الأول لا يعني دائمًا وجود محتوى فعلي قادر على تبرير كل هذا الزخم
وعلى مر السنوات شهدنا العديد من الإعلانات التي لم تسر كما خُطط لها لتدفعنا أحيانًا للدهشة والإنكار بل وحتى التساؤل إن كان ما نراه حقيقيًا بالفعل من إعلانات كارثية لألعاب هواتف موجهة لجمهور الكونسول إلى قرارات مثيرة للجدل مثل حذف النسخ الأصلية من ألعاب شهيرة لصالح نسخ محسنة أقل جودة أو الترويج لمشاريع بدت غير مكتملة أو مشوهة مليئة بالأخطاء والمحتوى الغريب لدرجة بدت معها وكأنها مزحة
ومع التأكيد الرسمي على أن Palworld More Than Just Pals هي لعبة فعلية وليست خدعة تعود بنا الذاكرة إلى عشر إعلانات لألعاب فيديو أثارت الصدمة ولم يصدق أحد أنها كانت حقيقية
Funko Fusion 2024
لم يكن اسم Funko Fusion من تلك الأسماء التي يتطلع إليها جمهور الألعاب أو يتوقع سماعها بحماس ومع ذلك وجدنا أنفسنا أمام إعلان رسمي عن لعبة متعددة المنصات مبنية بالكامل على عالم منتجات Funko Pop المعروف بتركيزه على دمج العلامات التجارية بشكل مكثف
في عام 2023 أعلنت Funko Inc بالتعاون مع الاستوديو 1010 Games عن Funko Fusion في خطوة أثارت الكثير من الجدل والدهشة إذ بدا الإعلان وكأنه مزحة لجمعه بين عدد ضخم من العوالم المعروفة مثل The Umbrella Academy وBattlestar Galactica وBack to the Future وShaun of the Dead وThe Thing وThe Walking Dead وغيرهم ضمن وعد بتقديم لعبة تحاكي كل ما يحبه الجمهور في أفلامهم ومسلسلاتهم المفضلة من رعب وخيال وفانتازيا لكن بأسلوب Funko الذي يفقد هذه الأعمال جزءًا كبيرًا من سحرها ويحولها إلى ما يشبه أقنعة مشوهة ترتديها شخصيات بلا روح
حتى جمهور ألعاب مثل LEGO أو Fortnite والتي عُرفت بجمعها لعوالم مختلفة لم يتمكن من تصديق ما رآه إذ بدا البيان الصحفي وكأنه وصف لتجربة استهلاكية بالكامل تفتقر إلى أي عمق حقيقي في أسلوب اللعب ووصل الأمر إلى عرض صناديق Funko كجزء من الصور الترويجية الرسمية للعبة دون تقديم أي معلومات ذات قيمة عن طبيعة التجربة التي تنتظر اللاعبين
Call of Duty Infinite Warfare 2016
نظرًا لحجم الجمهور الضخم الذي تحظى به سلسلة Call of Duty لطالما كان مجتمع لاعبيها معروفًا بصوته المرتفع وانتقاداته المتكررة لكل إصدار جديد تقريبًا منذ أيام Modern Warfare الأولى ورغم أن موجات الانتقاد باتت مألوفة إلا أن الإعلان عن Infinite Warfare في عام 2016 أطلق عاصفة من الغضب غير مسبوقة
في ذلك الوقت كان اللاعبون قد اختبروا بالفعل تجارب مثل Black Ops II وGhosts وAdvanced Warfare وBlack Ops III وكل واحدة منها جاءت بخطوات تبتعد تدريجيًا عن الجذور الأساسية للسلسلة من خلال تقليص عناصر القصة وتقليدية الحملات وتراجع المحتوى غير المتصل بالإنترنت مقابل التركيز المتزايد على المشتريات داخل اللعبة والانتقال المستمر نحو المستقبلية الزائدة التي بدأت تفقد اللاعبين اهتمامهم
وعندما ظهر العرض الأول لـ Infinite Warfare حاملاً نفس التركيبة المستهلكة قوبل برد فعل سلبي شديد جعله في ذلك الوقت أكثر عرض دعائي لألعاب الفيديو حصولًا على عدم إعجاب على YouTube
لكن المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد فقد أعلنت Infinity Ward في نفس الفترة عن إصدار نسخة محسنة من Modern Warfare الكلاسيكية الصادرة عام 2007 برسومات محدثة وتحسينات بصرية وصوتية كانت كافية لإثارة الحماس لولا أن الخبر التالي قلب المشهد إذ تبين أن هذه النسخة لن تُطرح بشكل منفصل بل ستكون متوفرة فقط كجزء من النسخة الخاصة من Infinite Warfare
وكان ذلك كفيلًا بإشعال استياء الجمهور الذين شعروا أنهم مجبرون على اقتناء إصدار لا يرغبون به من أجل الحصول على تجربة كلاسيكية لطالما أحبوها
Artifact 2018
في عام 2017، كانت قد مرّت سنوات طويلة منذ أن قدمت Valve مشروعًا جديدًا كليًا، وظلت الشركة حينها تعتمد على السمعة الإيجابية التي بنتها من خلال ألعاب بارزة مثل Half-Life وLeft 4 Dead، مع تركيز متزايد على دعم Defence of the Ancients 2. وخلال فعاليات بطولة The International الخاصة بـ DotA 2 في سياتل، استغلت الشركة هذا التجمع الضخم من جماهيرها للإعلان عن لعبة جديدة بشكل مفاجئ.
الترقب كان في ذروته، وآمال اللاعبين كانت معلقة بإعلان كبير عن Half-Life 3 أو عودة مرتقبة لـ Left 4 Dead، أو حتى تحديث جوهري يغير قواعد اللعب في DotA 2. لكن ما حصل عليه الجمهور لم يكن أيًا من ذلك، بل إعلانًا لم يتوقعه أحد. ظهر المقدم Sean Plott ليعرض فيديو قصير يتوسطه شعار مثلث غامض، وينتهي بعنوان Artifact The Dota Card Game.
جاء الإعلان كلطمة غير متوقعة، وأثار موجة من الاستغراب والخيبة بين الحضور، إذ لم يكن أحد يتوقع أن المشروع الجديد المنتظر سيكون لعبة بطاقات رقمية تدور في عالم DotA بأسلوب أقرب إلى Yu-Gi-Oh.
الإحباط تضاعف حين اختتم Sean Plott الإعلان بتحدثه عن تجربته الشخصية مع اللعبة مؤكدًا أنه لعب نسخًا تجريبية، دون أن يعرض أي مشاهد من داخل اللعبة أو لقطات توضح أسلوب اللعب، مما جعل الانطباع العام أن الشركة لم تكن تأخذ حماس الجمهور على محمل الجد، وزاد من شعورهم بأن الإعلان جاء أقل بكثير من التوقعات العالية التي طال انتظارها.
