منذ لحظة إصدارها الأول في عام 1996 على منصة PlayStation الأصلية، شكّلت Resident Evil نقطة تحول حاسمة في تاريخ ألعاب الفيديو، إذ لم تقتصر على كونها تجربة جديدة فحسب، بل دشّنت عصرًا جديدًا من ألعاب الرعب والبقاء. وعلى الرغم من أن فكرة “الرعب التفاعلي” لم تكن وليدة اللحظة وظهرت في عناوين سابقة مثل Alone in the Dark، فإن هذا الإصدار هو من صاغ الإطار الحقيقي لهذا النوع وأوصل مصطلح Survival Horror إلى جمهور عالمي.
ما منح اللعبة هذا التميّز لم يكن محصورًا في أجوائها المشحونة أو ألغازها المتشابكة التي تتطلب استخدام الموارد المحدودة بذكاء، بل في قدرتها على تقديم تجربة رعب بأسلوب سينمائي لم يكن مألوفًا في تلك الفترة. شخصيات مثل Chris Redfield و Jill Valentine و Albert Wesker تحوّلت إلى رموز مألوفة على مدى الأجيال، ومع ذلك فإن كثيرًا من ملامح اللعبة كانت ستبدو مختلفة تمامًا لولا التعديلات الحاسمة التي طرأت أثناء عملية تطويرها.
في هذا المقال من سلسلة توب 10 أو Top 10، نستعرض مجموعة من الأسرار المثيرة التي شكّلت الإصدار الأول، وهي حقائق لم يكن كثير من اللاعبين على علم بها، لكنها لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل هوية اللعبة التي أحبّها الملايين.
استوحت أجواءها من أفلام الرعب الكلاسيكية


كانت أفلام الرعب القديمة منبعًا أساسيًا للإلهام عند تصميم عالم Resident Evil. من أبرز الأمثلة فيلم The Shining، حيث أثّرت عناصر مثل الأنماط الغريبة للجدران والإضاءة المشبعة في صياغة الأجواء الداخلية للقصر الذي يشكّل قلب اللعبة. الفكرة لم تكن خلق الرعب بشكل مباشر، بل التأسيس لبيئة نفسية مشحونة بالتوتر في كل زاوية.
كما أن أفلام الزومبي، خصوصًا من إخراج George Romero، بالإضافة إلى بعض أعمال الرعب الإيطالية مثل Zombie من Lucio Fulci، ساهمت في رسم ملامح الوحوش في اللعبة. هذه الأعمال ألهمت الفريق لتقديم صيغة أكثر واقعية ووحشية لقصص الأحياء الأموات، مبتعدة عن الطابع الخيالي المعتاد، وهو ما جعل Resident Evil تقدم رؤية جديدة تمامًا لهذا النوع من الرعب.
كانت ستُقدَّم بمنظور الشخص الأول
في المراحل الأولى من التطوير، جرت محاولات أولية لصياغة اللعبة من منظور الشخص الأول، وهو ما كان سيمنحها طابعًا مختلفًا كليًا. بل إن المفهوم الأول شمل عناصر خارقة للطبيعة لا تتوافق مع الاتجاه الواقعي الذي تبنّته اللعبة لاحقًا.
التحوّل في الرؤية حدث عندما استلهم المخرج Shinji Mikami أسلوب الكاميرا الثابتة من لعبة Alone in the Dark، وهو ما قاده إلى تبني منظور الشخص الثالث مع زوايا تصوير مدروسة. هذا التغيير البصري لم يكن مجرد خيار تقني، بل ساهم في تعزيز الشعور بالخطر الدائم، وصار لاحقًا سمة أساسية في أجزاء السلسلة التي تلت ذلك.
كانت ستدعم اللعب التعاوني
من بين الأفكار الجريئة التي طُرحت أثناء التطوير كان هناك تصور لإضافة نمط لعب تعاوني، يسمح للاعبين بخوض القصة معًا في الوقت ذاته. في تلك المرحلة كان هذا المفهوم غير شائع في ألعاب الرعب، ما جعله تجربة محتملة كانت ستُحدث نقلة نوعية.
لكن التحديات التقنية المرتبطة بتقديم هذا النظام بطريقة لا تفسد إيقاع اللعبة ولا تخل بتوازنها جعلت الفريق يتخلى عنه. في وقت لاحق، أصبح اللعب التعاوني عنصرًا معتمدًا في إصدارات أخرى من السلسلة، لكنه لم يجد طريقه إلى الإصدار الأول بسبب تعقيدات التنفيذ.
شخصيات إضافية تم حذفها
خلال تطوير اللعبة، وُجدت بعض الشخصيات التي لم تصل إلى النسخة النهائية. من بين هذه الشخصيات Dewey، رجل طويل ومرح كان هدفه تخفيف التوتر، بالإضافة إلى Gelzer، مقاتل آلي ضخم يعتمد على قوته الجسدية لدعم الفريق.
لاحقًا، تم حذف الشخصيتين واستبدالهما بـRebecca و Barry، وهما شخصيتان تميّزتا بالواقعية والتوازن، مما انسجم بشكل أفضل مع أجواء اللعبة الجدية. هذا التحول في الاختيارات يعكس كيف تطورت الرؤية نحو تقديم شخصيات أكثر اندماجًا مع الإطار القصصي والنفسي للمغامرة.
تحققت مفاجأة تجارية غير متوقعة
لم يكن فريق التطوير يتوقع النجاح الكبير الذي حققته اللعبة. في البداية، توقّع المنتج Tokuro Fujiwara أن تصل المبيعات إلى حوالي 200 ألف نسخة فقط، استنادًا إلى طبيعة اللعبة التي بدت آنذاك غير مضمونة النجاح.
لكن سرعان ما فاقت التوقعات كل تقدير، حيث انتشرت اللعبة بفضل التوصيات الشفهية والانبهار بتجربتها السينمائية الفريدة، مما جعلها تحقق ملايين النسخ وتصبح من أقوى العناوين على منصة PlayStation، فاتحة الباب أمام سلسلة تمتد لسنوات طويلة.
في الختام، هذه الحقائق تُظهر أن Resident Evil لم تكن وليدة الحظ، بل نتيجة قرارات إبداعية مفصلية ساهمت في صياغة هوية كاملة لنوع جديد من الألعاب. إن الاطلاع على هذه التفاصيل لا يثير فقط إحساس الحنين، بل يعمّق التقدير للعمل الذي بُذل خلف الكواليس. سواء كنت من أول من خاض التجربة وقت صدورها، أو من اللاعبين الجدد الذين تعرّفوا عليها لاحقًا، تبقى Resident Evil أكثر من مجرد لعبة، إنها لحظة مفصلية أعادت تعريف ما تعنيه ألعاب الرعب. وهناك المزيد من الحقائق الغائبة التي سنتناولها قريبًا في مقال لاحق، وحتى يحين ذلك الوقت، يمكنك الرجوع إلى مقالنا السابق بعنوان “شرح لأكثر الوحوش رعبًا وفتكًا في سلسلة Resident Evil”.